نص مرافعة ومذكرة النيابة في قضية هشام طلعت والسكري
المرافعة تولاها المستشار مصطفي سليمان المحامي العام وبعد موافقة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام علي أمر الاحالة حيث قال:
بسم الله الحق…….. وبهداه العدل
بسم الله الرحمن الرحيم
"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"
صدق الله العظيم
"سورة الشمس 7 10"
السيد الرئيس………. حضرات السادة المستشارين الأجلاء…
جئنا اليوم إلي ساحتكم المقدسة هذه نحمل اليكم كلمة المجتمع الذي منحنا شرف تمثيله في واحدة من القضايا ننشد فيها الحق الذي يعيش في ضمائركم والعدل الذي اشربت نفوسكم حبه واقسمتم يمين الولاء له كلما نطقت شفاهكم او خطت أقلامكم.
قضية حظيت ومازالت تحظي باهتمام كبير غير مسبوق ومتابعة دءوبه من الرأي العام المصري والعربي اهتمام ومتابعة يقف وراءهما تعدد جنسيات اطرافها ومسرح احداثها صفة ومكانة المجني عليها والمتهمين فيها حجم عدد المتعاملين مع الكيان الذي كان يرأسه احد المتهمين فيها رغبة عارمة وشغف كبير لدي رأي عام يريد الاطمئنان إلي ان المال والسلطة لا يعصمان صاحبهما من العقاب اذا اجرم وان الشريف يستوي مع الضعيف في تطبيق القانون.
السيد الرئيس…….. حضرات المستشارين الاجلاء
لقد خلق الله سبحانه وتعالي الإنسان وفضله علي سائر المخلوقات. خلقه عز وجل في أحسن صورة ونفخ فيه من روحه وجعلها سرا لا يعلمه إلا هو مالك الملك والملكوت…. فإذا حان أجل الإنسان أمر سبحانه وتعالي ملك الموت بقبض الروح من الجسد وأعادها إلي بارئها ليقضي فيها أمرا كان مفعولا فهو سبحانه وتعالي دون سواه من يملك ذلك وإليه يرجع الأمر كله.
لذلك حرم الله عز وجل ونهي عن قتل النفس إلا بالحق وجعله من أشد الأعمال جرما وأكبرها إثما قال تعالي: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما" صدق الله العظيم "سورة النساء 93". فجزاء القاتل في الآخرة الخلود في نار جهنم فضلا عن غضب الله ولعنته. أما في الدنيا فقد وعد سبحانه وتعالي بالقصاص من القاتل بنصرة ولي المقتول قال تعالي: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا" صدق الله العظيم "سورة الإسراء 33".
لافرق في هذا الشأن بين كون المقتول رجلاً أو امرأة إلا أنه في حالة وقوع الجريمة علي امرأة من رجل فإنها تدل علي خسة في طبع الجاني. وانعدام وازع المروءة و الشهامة في نفسه لاستغلال قوته الجسمانية في افتراس المجني عليها التي لا تقدر بطبيعة خلقها وتكوينها علي مقاومة الاعتداء الواقع عليها.
السيد الرئيس………. حضرات المستشارين الأجلاء
قضية اليوم هي قضية قتل عمد مع سبق الاصرار قضية إزهاق نفس بشرية بدون وجه حق.. قضية فساد وإفساد في الأرض. سمات الواقع فيها ثراء ونفوذ طمع وشره غرام وهيام هجر ونفور جحود ونكرام حماقة وتهور تهديد ووعيد غدر وخيانة وحشية وانتقام قتل وتنكيل بهتان وتضليل ذل ومهانة بعد عز وكرامة.
تجرد من القيم
قضية رجلين غرتهما الحياة الدنيا بما لهما فيها من مال وسلطان واتبعا شهوتيهما في حب النساء والمال فسقطا في مستنقع الجريمة ولا ريب في انه قد عرضت امام عدلكم الكثير من قضايا القتل وفصلتم فيها بميزان العدل ولكننا اليوم امام قضية تختلف عن مثيلتها لا من حيث الاركان القانونية المعروفة لقضية القتل ولكن من حيث صنف المتهمين فيها والظروف والملابسات فالمتهمان فيها صنف آخر من الجناة الذين اعتدنا علي رؤيتهم ومثولهم في مثل تلك القضايا واسمحوا لنا قبل ان نعرض وقائع الدعوي وظروفها وملابساتها ان نبين من هما المتهمان فيها ولماذا هما مختلفان عمن ألفناهم من متهمين.
قالت النيابة إن المتهم الأول محسن السكري رجل من أصحاب الشركات الخاصة حاليا رزقه الله بالمال الكافي ليحيا وذووه حياة كريمة وحباه بقوة البنية وفتولة العضلات كان يعمل ضابطاً بجهاز مباحث امن الدولة في مكافحة الإرهاب والتطرف الجهاز الذي يحمي أمن الوطن وأمانة الجهاز الاهم في وزارة الداخلية ولكنه يحمل في ذات الوقت بين جنبيه نفساً شريرة نفس غير قنوعة أغرته بقوته وجعلت حبه للمال اكبر من تقديره للرسالة الجليلة التي كان يضطلع بها فاستقال من عمله واخذ يبحث عن المال الذي اصبح هدفه ومبتغاه يسعي لجمعه بشتي الوسائل ومن أجله يستبيح كل الحرمات ويضحي بكل غال ونفيس.
فتحول من رجل شرطة مهمته الأولي توفير الأمن وحماية ارواح المواطنين إلي قاتل اجير سفاح مأجور اسوأ انواع المجرمين قاطبة بل اسوأ صنوف البشر تجرد من القيم وصار ممن يكدرون الأمن ويروعون الآمنين ويزهقون الأرواح مقابل حفنة من المال ووراء شهواته فأشبعها بالدماء والمال الحرام بل والمتعة الجنسية الحرام وها هو اليوم يجني ثمرة ذلك الفساد وتلك الاستهانة بالحرمات وصدق بن عطاء السكندري في قوله:
"ما بسقت أغصان ذل……. إلا علي بذرة طمع"
قاتل محترف
والمتهم الثاني هشام طلعت مصطفي رجل من كبار رجال الأعمال في مصر سطع نجمه وذاع صيته في مجال العمل في ميدان المقاولات وأرسي فيه كياناً اقتصادياً كبيراً فعلا شأنه وازدادت ثروته حتي أصبح يشار اليه بالبنان ثم اتجه إلي العمل العام وصار عضو بالحزب الحاكم فنائباً بمجلس الشوري ووكيلاً لاحدي لجانه بعد ان حاز ثقة الناس فمنحوه أصواتهم والتفوا حوله بالخداع حيث استطاع ان يتخفي وراء قناع من البر والتقوي ويخفي حقيقته كقاتل محترف يسير علي نهج كبري العصابات ولو لم يقتل بيده فاكتسب جانباً من السلطة وصارت له مكانه ربيعة مرموقة في المجتمع وأصبح يحلق في سمائه بجناحي المال والنفوذ ولما اجتمع له المال والسلطان ظن ان الدنيا قد حيزت له وخضعت وان ما يشتهيه يجب ان يحصل عليه وانه متي امر فقد وجبت طاعته.
منح المال والبنون والصحة والسلطة والنفوذ ولكنه لم يقابل ذلك بالشكر لله والعرفان بل بالجحود والنكران ففعل ما فعل واقترف ما اقترف وسقط في هاوية الاجرام وارتكب من الاثام اشدها وساهم في قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وصار من المفسدين في الارض فاضاع نفسه بماضيها وحاضرها ومستقبلها وحق عليه الهوان وأشد العقاب وصدق الشاعر في قوله:
"إذا جلت الذنوب وهالت…… فمن العدل أن يهول الجزاء"
"ثالثهما الشيطان"
أكدت النيابة أن وجه اختلاف المتهمين عن غيرهما من الجناة الذين ألفنا مثولهم في مثل تلك القضايا فيرجع إلي ان كلاهما تغيب عنه الاسباب والبواعث المعتادة لارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء فكلاهما كان امناً في وطنه معافي في بدنه ورزقه الله المال والبنون ولكنها النفس الامارة بالسوء التي ان رزقت بخير وفير طغت وان عوفيت بغت وتجبرت وان ابتليت بعدم الررضا فلن تشبع ابدا وان انحطت بشهوتها كانت ادني خلق الله منزلة.
فالمتهم الأول لم تكن له ثمة صلة تربطه بالمجني عليها. كانت معرفته بها من خلال وسائل الاعلام المرئية والمقروءة وبالتالي لم يكن بينهما ضغائن شخصية أو خصومة ثأرية تبرر القتل. الباعث الوحيد هو المال تنفيذاً للاتفاق الذي ابرمه مع المتهم الثاني وكان ثالثهما الشيطان.
أما المتهم الثاني فمهما أخذت من ماله برغبته وإرادته ومهما استباحت مشاعره واستهانت بحبه ولم تقدر عواطفه فليس ذلك مبرراً لقتلها ومن ثم فهي لا تستحق القتل.
"مذعورة"
أما المجني عليها في القضية فهي سوزان عبدالستار تميم فنانة لبنانية شابة شاء حظها العثر ان تتعرف علي المتهم هشام طلعت مصطفي لمساعدتها في حل بعض أزماتها لم تكن تدري أن شرا مستطيرا ينتظرها من جهته وأن نهايتها ستكون علي يد قاتل استأجره لذلك فشغفته حبا إلا انها لم تبادله حباً بحب فأعرضت عنه وهجرته الي آخر فعز عليه ذلك بعد كل ما قدمه اليها من حب وأموال ومساعدات وهو الآمر الناهي ومن يعتقد ان الدنيا قد باتت تحت قدميه فحاول ان يعيدها اليه بالوعد تارة وبالوعيد تارة أخري فلما استعظمت عليه واستعصت شق ذلك علي نفسه واتخذ قراره بقبض روحها وكأنه وحاشا لله من يقرر المصير ويحدد الأجل وعهد بتنفيذ ذلك الامر إلي المتهم محسن السكري الذي ارتدي ثوب ملك الموت وتوجه لمسكنها وانتزع روحها من جسدها انتزاعاً وقدمها قرباناً للمتهم الثاني في عدة دقائق تحقق في نهايتها الموت ولكن ليس ككل موت موت مصحوب بالألم والطعنات والذبح والدماء. موت بلا رحمة ولا شفقة ولا مروءة ولا نخوة ولا رجولة وماتت المجني عليها التي كانت تعيش كالمطارد تهرب من مكان لآخر خائفة مذعورة شريدة وحيدة بعيدة عن أهلها وذويها.
"أدلة الإدانة"
وقال المستشار مصطفي سليمان:
السيد الرئيس………. حضرات المستشارين الأجلاء…
كانت تلك وقائع الدعوي واما الدليل عليها فلقد ذخرت أوراق القضية وفاضت بالادلة الدامغة والاسانيد القاطعة والبراهين الساطعة سطوح الشمس لكل ذي عينين علي ارتكاب المتهمين لجريمة قتل المجني عليها عمدا مع سبق الاصرار وعلي ارتكاب المتهم محسن السكري فضلا عن ذلك لجريمتي احراز سلاح ناري مششخن مسدس وذخيرة بغير ترخيص وهذه الادلة جاءت متعددة متنوعة متساندة يؤازر بعضها بعضا انسابت الينا من خلال التحقيق الابتدائي والتحقيق الذي اجرته المحكمة انسياب النهر المتدفق.
وتنقسم تلك الادلة إلي:
1 أدلة قولية: شهود….. وإقرارات المتهم الأول بالتحقيقات.
2 أدلة مادية: مستندات. معاينات. ومضبوطات. صور وتسجيلات صوتية ومرئية.
3 أدلة فنية: تقارير تشريح بصمات. مضاهاة. معمل جنائي. طب شرعي وفحص اجهزة تليفونات وكمبيوتر.
وسنعرض لتلك الادلة تفصيلا وفقا لتسلسل الاحداث من وقت اكتشاف الجريمة لبيان كل دليل ومؤداه:
أولا: الأدلة القولية:
أ أقوال الشهود:
"الكاميرات كشفت السكري"
شهد النقيب عيسي سعيد محمد سعيد بالادارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي.
ص 31 بتحقيقات نيابة دبي انه بتاريخ 28/7/2008 الساعة 8.45 مساء ورد بلاغ عن وقوع جريمة قتل بالشقة رقم 2204 بالطابق 22 ببرج الرمال "1" فانتقل لمكان الحادث وأبصر جثة المجني عليها مسجاة علي ظهرها ومصابة برقبتها وسط بركة من الدماء بصالة شقتها وبجوارها مظروف منسوب لشركة بوند للعقارات. وقد عثر بصندوق مهمات الحريق بالطابق 21 علي بنطال رياضي اسود ماركة NIKE وتي شيرت داكن اللون مخطط باللون الوردي ماركة "بروتيست" ملوثين بالدماء وخطاب منسوب لشركة بوند للعقارات. وقد عهد اليه بفحص كاميرات المراقبة الخاصة بالبرج بالاستعانة بصورة الملابس المعثور عليها فتبين ان هناك شخصاً قوي البنية قد دخل الي موقف سيارات البرج في حوالي 8.48 صباح ذلك اليوم مرتدياً ذات الملابس التي عثر عليها وينتعل حذاء رياضياً اسود ماركة NIKE ويرتدي قبعة بلون اسود ويمسك في يد