ودعت محكمة النقض، أمس، حيثيات الحكم بقبول طعن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى، وإلغاء الحكم الصادر بإعدامهما شنقاً وإعادة محاكمتهما من جديد، وذلك لإدانتهما بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم فى أواخر يوليو عام ٢٠٠٨ داخل شقتها فى دبى.
أعلن المستشار عادل عبدالحميد، رئيس محكمة النقض، رئيس المحكمة التى نظرت الطعن، أسباب الحكم صباح أمس فى مؤتمر صحفى حضره عدد كبير من الصحفيين ومندوبى القنوات الفضائية، حيث قال إنه نظراً للأهمية الإعلامية لهذه القضية قرر أن يكون إعلان أسباب الحكم أمام جميع وسائل الإعلام بعد التصريح لها بذلك، وأضاف أن المحكمة سوف ترسل نص حكمها وأسبابه وأوراق القضية كاملة إلى محكمة الاستئناف يوم الثلاثاء المقبل لتحدد دائرة جديدة تحاكم هشام طلعت والسكرى مرة أخرى بعد قبول طعنهما.
جاءت أسباب الحكم فى ١٥ ورقة بدأت بوقائع القضية والاتهامات التى أوردها أمر إحالة المتهمين لمحكمة الجنايات ووجهتها لهما النيابة، ثم منطوق حكم محكمة جنايات القاهرة، الصادر فى ٢٥ يونيو الماضى، بإعدامهما شنقاً واستعرضت محكمة النقض ما استندت إليه فى حكمها بإعادة المحاكمة.
وأوضحت المحكمة فى أسباب حكمها أن الطعن استوفى جميع الشروط الشكلية المقررة قانوناً، وأن النيابة قدمت مذكرة رأيها القانونى فيه قبل انتهاء الميعاد القانونى (وهو الـ٦٠ يوماً التالية لصدور الحكم)، والتى انتهت فيها إلى إقرار حكم الإعدام.
وأضافت المحكمة أنها أسست حكمها على أن حكم الجنايات شابه البطلان ومخالفة الثابت فى الأوراق، حيث أخل بحق من حقوق الدفاع وهو إغفال ما أشار إليه من بطلان التحقيقات التى أجرتها النيابة فى مصر، لعدم تقديم الجانب الإماراتى الطلب المنصوص عليه فى المادة ٤١ من اتفاقية التعاون القضائى بين الحكومتين المصرية والإماراتية، وأنها باشرت التحقيق فى القضية قبل إرسال هذا الطلب، مما يجعل اتصال المحكمة بتلك الدعوى معدوماً وتكون غير مقبولة فى شقيها الجنائى والمدنى، وبطلان الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى بالنسبة للمتهم الثانى (هشام طلعت مصطفى)، وأن ذلك يبطل أيضاً جميع الإجراءات التالية لإجراءات التحقيق.
وأشارت المحكمة إلى أن الحكم استند إلى دليل آخر باطل هو أن النائب العام أصدر أمره بمنع المتهم الثانى (هشام طلعت مصطفى) من السفر ووضع اسمه على قوائم ترقب الوصول، بوصفه عضواً بمجلس الشورى قبل الإذن بذلك من المجلس، أى دون مراعاة لصفته النيابية.
وأن تحقيقات النيابة شابها البطلان أيضاً فيما تضمنته من تقارير لجنة الخبراء، الذين انتدبتهم فى مصر ودبى لكونهم من غير خبراء وزارة العدل، وعدم أدائهم اليمين أمام جهة التحقيق المختصة وهى النيابة العامة فى مصر.
وأوضحت المحكمة أن ضابط وزارة الداخلية، الذى قام بتفريغ المحادثات الهاتفية بين المتهمين لم يوضح علاقة السببية بين ما أسنده للمتهم هشام طلعت من تحريض واتفاق ومساعدة وبين مقتل المجنى عليها، مما جاء بالحكم خالياً من أدلة سائغة على سبق الإصرار.
كما أن محكمة الجنايات استندت فى حكمها إلى ما جاء بأقوال بعض الشهود، رغم وجود تضارب بها، مثل ما أقره أحدهم أمام المحكمة من أن المتهم الثانى حاول الزواج من المجنى عليها لكنها رفضت، بينما أقر بالتحقيقات أنه تزوجها عرفياً.
وأكدت محكمة النقض فى حيثيات حكمها أن محكمة الجنايات التفتت عن بعض طلبات الدفاع التى أثبتها بمحضر الجلسات، مثل طلب سؤال وكيل نيابة دبى الذى عاين الجثة ومسرح الجريمة بعد وقوع الحادث، وكذلك طلب انتقال المحكمة بكامل هيئتها لمعاينة مسرح الجريمة وهو ما استند إليه الدفاع فى تلفيق الاتهام وكيديته. وقالت المحكمة إن ما أورده دفاع الطاعنين فى مذكرته من عدم صلاحية القاضى (رئيس الجنايات) لنظر الدعوى ليس له سند صحيح فى القانون.
وأوضحت المحكمة أن الحكم المطعون فيه أثبت أن إجمالى المبلغ المضبوط مليون وتسعمائة ألف دولار أمريكى، فى حين أنها قضت بمصادرة مبلغ مليونى دولار، الأمر الذى يكون معه هذا الحكم أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين نقضه وتصحيحه، وهو ما انتهت إليه المحكمة برئاسة المستشار عادل عبدالحميد، رئيس محكمة النقض، وعضوية المستشارين رضا القاضى ومحمد محجوب وعبدالرسول طنطاوى ولاشين إبراهيم، نواب رئيس المحكمة.
وجاء نص حيثيات الحكم أنه بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة ومن حيث أن الطعن المقدم من المحكوم عليهما قد استوفى الشكل المقرر له فى القانون.
وأن النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض طبقاً لما هو مقرر بالمادة (٤٦) من القانون (٥٧) لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وأنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً التالية لصدور الحكم.
وجاء نص الحيثيات أن مبنى الطعن ـ هو أن الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعنين الأول، بالقتل العمد مع سبق الإصرار وحيازة سلاح نارى وذخيرة والثانى بالاشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى الجريمة الأولى ـ قد شابه البطلان ومخالفة الثابت فى الأوراق والإخلال بحق الدفاع، وذلك أنه أطرح دفاع ودفوع الطاعنين ــ ببطلان جميع التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة فى جمهورية مصر العربية ـ لعدم تقديم الجانب الإماراتى الطلب المنصوص عليه فى المادة «٤١» من اتفاقية التعاون القضائى والقانونى بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة جمهورية مصر العربية على سند من أن تلك الاتفاقية بما تضمنته من أحكام ومنها نص المادة سالفة الذكر بعد التصديق الذى تم عليها وفقاً للإجراءات القانونية فى الدولتين، أصبحت قانوناً خاصاً وهى واجبة التطبيق، مما لازمه عدم اتخاذ إجراءات التحقيق من الجانب المصرى إلا بعد أن تُرسل دولة الإمارات هذا الطلب،
إلا أن النيابة العامة فى مصر قد باشرت التحقيق فى الدعوى اعتباراً من ٦/٨/٢٠٠٨ ولم يُسلم الطلب من الجانب الإماراتى للنائب العام فى مصر إلا بتاريخ ٢٩/٨/٢٠٠٨ مما يُبطل تلك التحقيقات جميعاً ويصبح اتصال المحكمة بالدعوى معدوماً وتكون كذلك غير مقبولة فى شقيها الجنائى والمدنى، وببطلان الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى بالنسبة للطاعن الثانى (هشام طلعت مصطفى) على سند من نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون العقوبات التى تشترط لعقاب الشريك أن تقع بعض الأفعال المادية للجريمة أو كلها داخل الإقليم المصرى، وببطلان جميع التحقيقات التى تمت بالمكتب الفنى للنائب العام لعدم صدور أمر بالندب صريح للتحقيق، ذلك أن تأشيرة السيد النائب العام على الأوراق لرئيس النيابة العامة بالمكتب الفنى بالتحقيق كانت بشأن طلب التسليم الخاص بالمحكوم عليه الأول بناء على طلب الجانب الإماراتى وليس ندباً صريحاً للتحقيق والتصرف، وببطلان الحكم لعدم صلاحية القاضى، رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم فى الدعوى.
كما جاءت التحقيقات باطلة فيما أسفرت عنه من دليل استند إليه الحكم فيما جرى من تحقيق مع المتهم الثانى بصفته عضواً بمجلس الشورى وقرار المنع من السفر وترقب الوصول، الذى أصدره النائب العام قبل صدور الإذن من المجلس المشار إليه، بما يعد مخالفاً للقانون، كما أطرح دفاع الطاعنين ببطلان القبض على المتهم الأول وما ترتب عليه من دليل لعدم قيام حالة من حالات التلبس أو صدور إذن من السلطة المختصة، وبطلان استجواب المتهم الأول يوم ٦/٨/٢٠٠٨ بمعرفة النيابة العامة لعدم حضور محام مع المتهم أو تمكينه من ذلك أو ندب محام للحضور معه بالمخالفة لنص المادة (١٢٤) من قانون الإجراءات الجنائية وببطلان أعمال وتقارير الخبراء الذين انتدبتهم النيابة العامة فى مصر وفى دبى من غير خبراء وزارة العدل وبطلان الدليل المستمد من أعمال الخبرة لعدم حلف اليمين أمام جهة التحقيق قبل مباشرة أعمالهم وببطلان التسجيلات التى أجراها المتهم الأول للمتهم الثانى خلسة وهى خمس مكالمات والطعن بالتزوير على علامة التقويس على عبارة ـ المكالمات الخمس ـ بمدونات الحكم، برد سائغ لا يواجه حقيقة هذه الدفوع،
كما خلا الحكم من بيان أقوال/ عبدالستار خليل، والد المجنى عليها، ووالدتها وشقيقها بتحقيقات دبى والإنابة القضائية ببيروت، رغم أنها ضمن الأدلة التى استند إليها، ولم يُبين مضمون ومؤدى التقرير الفنى الذى أعده المقدم/ سامح محمد سليم، الضباط المتخصص بوزارة الداخلية، رغم أنه عول عليه فى الإدانة علاقة السببية بين ما أسنده للطاعن الثانى من تحريض واتفاق ومساعدة وبين مقتل المجنى عليها.
وجاء حديث الحكم عن نية القتل مقصوراً على سرد الأفعال المادية التى أتاها المتهم الأول ولم يُدلل تدليلاً سائغاً على طرق سبق الإصرار، وتساند الحكم فى الإدانة على ما حصّله من أقوال الشاهدة ـ دماى دياز سويرانو، البائعة فى محل «صن آند ساند» للرياضة بمركز ميركانو بتحقيقات دبى، من تعرفها على المتهم الأول عندما عُرضت عليها صورته من واقع صورة جواز سفره أثناء قيامه بشراء الحذاء الرياضى والبنطلون، مع أن أقوالها لا تساند الحكم وتتعارض مع أقوالها بالتحقيقات.
كما أن ما استنتجه الحكم ورتب عليه مسؤولية الطاعن الأول من الصور التى سجلتها كاميرات المراقبة بفندق الواحة وبرج الرمال (١) وما تلاحظ للمحكمة من وصف لملابس المتهم أثناء دخول مسرح الجريمة وأوصافه، هو أمر افتراضى مبنى على الظن والاحتمال، لاسيما إذ إن المحكمة لم تتبين وجه المتهم بإحدى الصور التى سجلتها هذه الكاميرات، وأقرت حسبما هو ثابت بمحضر الجلسة بتكبيرها، فلم تتضح معالمه أيضاً.
كما أن عيسى سعيد محمد سعيد بن ثالث، الضابط بالإدارة العامة للتحريات بدبى، إثر سؤاله من دفاع المتهم الأول بإحدى جلسات المحاكمة عما إذا كان يمكنه التعرف على المتهم المذكور، أجاب بعد أن نبهت المحكمة المتهم فى قفص الاتهام، أنه هو المتهم الموجود بالجلسة وذلك على خلاف ما هو ثابت بمحضر الجلسة من أن إجابته، رغم ما شاب العرض والتعرف من عيوب، كانت (تقريباً هو الشخص ده)،
كما نازع الدفاع فيما حملته التحقيقات من حيث الوقت الذى استغرقه المتهم الأول فى ارتكاب الجريمة، ووجود خلاف فى احتساب الزمن فى اللحظة ذاتها بين كاميرات المراقبة ببرج الرمال (١) وكاميرات المراقبة بفندق الواحة ـ، وأن الفارق بينهما حوالى ثلاث أو أربع دقائق ـ فى ذات اللحظة الزمنية ـ، وأن النظام السليم هو الموجود ببرج الرمال (١)، حسبما قرر المختص، إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع رغم جوهريته فى خصوصية الدعوى، كما تساند الحكم إلى شهادة اللواء/ أحمد سالم الناغى، وتحرياته التى أثبت بها أن المتهم الثانى حاول الزواج من المجنى عليها إلا أنها رفضت، بينما قرر بالتحقيقات أنه تزوجها عرفياً،
وأسند الحكم إلى الشاهد سمير سعد محمد بالتحقيقات التى أقرتها المحكمة، أن المتهم الأول اعترف له بارتكاب الجريمة وروى ذلك الاعتراف حتى قوله: «ففتحت له المجنى عليها الباب، ثم حاولت إغلاقه، إلا أنه دفعها بقوة داخل الشقة وكمم فاها وطرحها أرضاً ونحرها» على خلاف ما ذكره فى أقواله من أن المتهم وضع يده على فم المجنى عليها ثم وجه إليها ضربة فى رقبتها ورتب على ذلك الخطأ فى الإسناد خطأ آخر بشأن الرد على دفاع الطاعنين فى شأن التناقض بين الدليل القولى والفنى واستحالة حصول الواقعة على الصورة التى اعتنقتها المحكمة.
وأضافت المحكمة أن الحكم دلل على اشتراك المتهم الثانى فى القتل باستخراج تأشيرة دخول المتهم الأول دبى لاقتراف جريمته عن طريق شركة له علاقة بها. على خلاف الثابت بالأوراق. حيث إن المتهم الأول دخل دبى بتأشيرة دخول بكفالة المؤسسة الشرقية المتحدة للتوكيلات التجارية وهى شركة إماراتية ومالكها إماراتى الجنسية.
كما لم تحقق المحكمة طلب الدفاع بسؤال وكيل نيابة دبى الذى عاين الجثة ومسرح الجريمة وفرغ جميع المشاهد التى حوتها كاميرات برج الرمال «١» اعتباراً من يوم الحادث، أو طلب انتقال المحكمة بكامل هيئتها أو ندب أحد أعضائها لمعاينة مسرح الحادث والوقوف على المسافات بين فندق الواحة وبرج الرمال «١» ذهاباً وعودة ومسرح الجريمة، ولفتت المحكمة عن دفاعه بعدم ارتكاب الجريمة وتلفيق الاتهام وكيديته مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت اتفاقية التعاون القانونى والقضائى بين حكومة دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية والتى تم التصديق عليها ونشرها وفقاً للإجراءات المقررة فى الدولتين وأصبح لها قوة القانون وكانت المادة «٤١» منها نصت على أنه «لا يسلم أى من الطرفين المتعاقدين مواطنيه ومع ذلك تتعهد كل من الدولتين فى الحدود التى يمتد إليها اختصاصها بتوجيه الاتهام ضد من يرتكب من مواطنيها جرائم فى بلد الدولة الأخرى معاقباً عليها بعقوبة الجناية أو الجنحة فى الدولتين وذلك إذا ما وجهت إليها الدولة الأخرى بالطريق الدبلوماسى طلباً بذلك، مصحوباً بالملفات والوثائق والأشياء والمعلومات، التى تكون فى حيازتها وتحاط الدولة الطالبة علماً بما يتم فى شأن طلب التسليم.
كما نصت الفقرة التاسعة من المادة «٤٢» من ذات الاتفاقية والتى حددت حالات عدم التسليم على أنه «لا يجوز التسليم إذا كان المطلوب تسليمه قد اتخذت قبله إجراءات التحقيق أو المحاكمة فى الدولة المطلوب منها التسليم عن ذات الجريمة المطلوب تسليمه من أجلها، لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب التحرز فى تفسير التشريعات الجنائية - والتزام جانب الدقة فى ذلك - وكان البادى من صريح لفظ المادتين «٤١، ٤٢/٩» من المعاهدة سالفة الذكر - أن التعهد بإجراء التحقيق الوارد بالمادة «٤١» بناء على طلب الدولة التى وقعت الجريمة على أرضها من الدولة الأخرى المطلوب تسليم المتهم الذى يحمل جنسيتها لم يتضمن أمراً بالوجوب، بل هو إجراء تنظيمى لا يترتب على مخالفته البطلان.
ويدل على ذلك ويؤكده ما جرى به نص الفقرة التاسعة من المادة «٤٢» من الاتفاقية من عدم جواز تسليم المتهم إذا كانت الدولة المطلوب منها التسليم قد باشرت حقها فى إجراء التحقيق أو المحاكمة دون انتظار الطلب المنوه عنه سلفاً لأنه من البديهى أن طلب التسليم سابق على طلب إجراء التحقيق أو المحاكمة.
ولما كان ذلك، وكانت المادة «٤٠» من قانون العقوبات لا تشترط فى الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلى للجريمة ومن ثم يكفى لتحقيق اشتراكه فى الجريمة بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة أن تكون الجريمة قد وقعت فعلاً بناء على صورة أو أكثر من صور الاشتراك سالفة البيان.
وأوضحت المحكمة أن ما يقول به الطاعن الثانى بأسباب طعنه من أنه لا عقاب على الشريك فى حالة - الطعن المعروض - لوقوع الجريمة المسندة له الاشتراك فيها خارج الإقليم المصرى يكون غير سليم لما سلف القول به من اختصاص القضاء المصرى بمحاكمة الفاعل الأصلى عن تلك الجريمة، والتى يستمد منها الطاعن الثانى جرحه بحسبانه شريكاً فيها ومن ثم تكون المادة «٤١» من قانون العقوبات هى الواجبة التطبيق إذا ما رأت محكمة الإعادة الإدانة ومن ثم فإن منع الطاعن الثانى فى هذا الشأن يكون لا محل له.
لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات - أن السيد النائب العام قرر ندب رؤساء النيابة العامة بالمكتب الفنى للتحقيق فى القضية للتصرف والعرض - فإن دعوى البطلان التى يرمى بها الطاعنان التحقيقات التى تمت بمعرفة المكتب الفنى للنائب العام لعدم وجود أمر صريح بالندب للتحقيق يكون على غير سند، وأثارت المحكمة استشعار الحرج مسألة داخلية تقوم فى نفس القاضى وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضى وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما فى نفسه ولم يستشعر مثل هذا الحرج فى نظرها.
وأكدت محكمة النقض أن الحكم المطعون فيه بعد أن عدد الأدلة على وقوع الجريمة وصحة إسنادها للمتهمين - نقل عن دماى دياز سوبيرانو البائعة لدى محل - صن آند ساند للرياضة بمركز ميركانو - بتحقيقات نيابة دبى أن المتهم الأول الذى عرضت عليها صورته من واقع صورة جواز سفره قد حضر للمحل لشراء حذاء رياضى وبنطال ماركة نايك ودفع ثمن ما اشتراه ببطاقته الائتمانية وأن البنطال المضبوط وصورة الحذاء المعروضين عليها يماثلان البنطال والحذاء اللذين اشتراهما المتهم المذكور ثم وضعهما فى كيس بلاستيك أسود اللون فلما كان ذلك، وكان هذا الذى أسنده الحكم للشاهدة من تعرفها على صورة المتهم الأول من واقع صورة جواز سفره لا أصل له فى التحقيقات التى أجرتها نيابة دبى.
بل الثابت بها أنها قررت أنها لا تعرف صاحب الصورة حين عرضت عليها، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأنه لا يجوز للمحكمة أن تتدخل فى رواية الشاهد وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما لا أصل له فى الأوراق ولا يرفع هذا العوار، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى إدانة الطاعن الأول - ومن ثم شريكه الطاعن الثانى - ضمن ما استند إليه من أدلة إلى شهادة الضابط بالإدارة العامة للتحريات بشرطة دبى ونقل عن الشاهد قوله «إن الشخص الذى تعقبته كاميرات المراقبة بفندق الواحة ومبنى الرمال «١» وتم عرضها على المحكمة هى لذات الشخص - المتهم الأول - محسن منير السكرى - الموجود بقفص الاتهام، وذلك على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ ١٧/١/٢٠٠٩،
إذ قرر الشاهد إثر سؤاله من دفاع المتهم الأول عن إمكانية تعرفه على المتهم الذى تعقبته الكاميرات وعرض صوره بالجلسة - والمحكمة سمحت له بتوجيه السؤال - فأجاب بعد أن نادت المحكمة على المتهم أنه تقريباً هو ده الشخص - هذا إلى أن المحكمة قد قطعت فى استدلالها على أن الشخص الذى تعقبته الكاميرات ببرج الرمال «١» وفندق الواحة صباح يوم الجريمة - هو المتهم الأول - من واقع التقرير الذى أعده مصور وعرضه الضابط بالمساعدات الفنية بوزارة الداخلية أنه أثناء عرض تلك الصور حسب ترتيبها الزمنى صباح يوم الحادث ظهرت إحدى الصور غير واضحة المعالم، فأمرت المحكمة بتكبيرها - فلم تتضح معالمه - إلا أن المحكمة قطعت أيضا رغم عدم وضوح ملامح هذا الشخص بأنها صورة المتهم الأول.
كما أن مسألة فارق حساب الكاميرات للتوقيت أثناء تتبعها حركة المتهم الأول يوم ٢٨/٧/٢٠٠٨ تاريخ ارتكاب الجريمة يعد فى خصوص الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فى الدعوى ويبنى عليه لو صح تغير وجه الرأى فيها مما كان يقتضى من المحكمة وهى تواجه المنازعة فى التوقيت الزمنى المسجل ذاتياً على الصور المستخرجة من كاميرات المراقبة بين تلك الخاصة بفندق الواحة - وبرج الرمال «١» يوم الواقعة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنياً بتشغيل تلك الكاميرات - أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور، فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.
ولما كان الحكم المطعون فيه أثبت أن إجمالى المبلغ المضبوط لدى الطاعن الأول هو مبلغ مليون وتسعمائة وخمسة وتسعون ألف دولار أمريكى وقضى بمصادرة مبلغ مليونى دولار فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما كان يتعين معه نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه.
وانتهت المحكمة إلى أنه بناء على ما تقدم ولهذه الأسباب حكمت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليهما شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام المدعين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.